يتم التشغيل بواسطة Blogger.
RSS

مظاهر الحضارة المصرية في عهد البطالمة

مظاهر الحضارة المصرية في عهد البطالمة



بعد النهضة السريعة التي شهدتها مصر في عهد الفرعون "أبسماتيك الأول" وخلفائه، واجهت بلاد رع غزو أجنبى من الفرس انهك قواها. ظلت مصر تعانى من حكم الفرس، حتى ظهر "الإسكندر المقدونى"، الذى هزم جيوش الفرس، ودخل مصر، بذلك خضعت مصر لحكم الإغريق. وبعد وفاة "الإسكندر"، خضعت مصر لحكم البطالمة. ثم أخيراً (بعد سنة 31 ق.م) خضعت مصر لحكم الرومان، وظلت مصر ولاية رومانية حتى اجتاحها الغزاة العرب عام 641 ميلادي قادمين من الصحراء العربية ليتمكنوا من إذابة بقايا الشخصية المصرية في مكوناتهم الثقافية اليافعة ليفقد الشعب المصري القديم كل ماتبقى له الى الابد ويصبح عربي..


تمهيد
بسقوط الدولة الحديثة، تراجعت مصر من جميع النواحى الثقافية والاقتصادية، وفي هذه الحقبة سقطت تحت النفوذ الليبى ثم النوبى ثم الآشورى، فالفارسى. ظلت مصر تحت حكم الفرس حتى عام 332 ق.م، عندما دخلها " لإسكندر المقدونى"، وقضى على حكم الفرس، وضم مصر إلى إمبراطوريته .


الاسكندر المقدوني هو ابن الملك "فيليب" ملك بلاد "مقدونيا" فى شمال بلاد اليونان (الإغريق)، هذا الملك استطاع توحيد بلاد الإغريق تحت زعامته، ومات قبل أن يهزم الفرس أعداء الإغريق الذين بدؤا بالاعتداء على الاغريق وحاولوا اخضاعهم للملكة فارس. وقد تولى ابنه الاسكندر الحكم بعده عام 336 ق.م، وكان عمره لا يزيد على عشرين سنة، استخفت الولايات الإغريقية بالحاكم الشاب الجديد، وثارت عليه فى وقت واحد، ولكنه أخمد ثوراتهم فى سرعة ومهارة. وكان الفيلسوف "أرسطو" قد باشر تربية "الإسكندر"، فنشأ مشبعا بمبادئ الحضارة الإغريقية ومتحمساً لها. استعد "الإسكندر" لغزو بلاد الفرس، فاستولى على ممتلكاتهم فى آسيا الصغرى وسورية وفينيقيا، ولم يبق أمامه سوى مصر.
عُرف "الإسكندر" بلقب "الأكبر" لأنه من أعظم الفاتحين، فقد غزا معظم أجزاء العالم.

مجىء الإسكندر إلى مصر
نجح "الإسكندر" فى فتح مصر بسهولة عام 332 ق.م، ورحب به المصريون، لأنهم اعتبروا أنه خلاص لهم من حكم الفرس، وبسبب معرفتهم للإغريق الذين عاشوا فى مصر ومعرفتهم بأخلاقهم اعتبروا ان الاغريق سيكونون افضل على كل حال. التحق الكثير من المصريين بجيش الاسكندر كجنود مرتزقة. وشعر الاسكندر بتعهاطف الشعب المصري معه، الامر الذي شجعه على التقرب منهم إليهم، حيث زار معبد الاله آمون فى واحة سيوة، وقدم القرابين، فمنحه الكهنة لقب "ابن آمون".

تأسيس مدينة الإسكندرية
كان الاسكندر معجبا بالحضارة المصرية والشعب المصري الذي استقبله بحماس، وعمل على بناء مدينة له فيها. لذلك قام "الإسكندر" بإنشاء ثغرا كبيرا في القسم الشمالى ً، يكون مركز إشعاع للحضارة الإغريقية، ليلتحم ويتلاحق مع حضارة مصر والحضارة الفارسية العريقتان. حقق "الإسكندر" غرضه بإنشاء مدينة الإسكندرية، بأن ردم الماء بين جزيرة صغيرة قريبة من الشاطئ اسمها "فاروس"، وقرية صغيرة على الشاطئ اسمها "راقودة"، فتكون بذلك مرسيان جميلان، أحدهما شرقى والآخر غربى (يوجد بالإسكندرية الميناء الشرقى والميناء الغربى)، وبذلك تكونت مدينة الإسكندرية. وقد خططها المهندسون الإغريق على شكل شوارع مستقيمة ومتقاطعة. واتخذ "لإسكندر" من مدينة الإسكندرية عاصمة للحكم اليونانى فى مصر. ومع اجتياح الاسكندر المقدوني للملكة فارس القديمة جرى اختلاط وتلاقح حضاري واسع بين شعوب الممالك الشرقية ونتج عن هذا الانصهار نشوء الحضارة الهلنستية، حيث كانت عادات سكانها وثقافاتهم مختلطة ومتتداخلة وتتعايش بسلام جنبا الى جنب.

نهاية عهد الإسكندر
بعد أن استقر الحكم للمقدونيين فى مصر، غادرها متوجها الى فارس حيث "الإسكندر" قضى على الإمبراطورية الفارسية، ووصل إلى الهند. ولكنه مرض فعاد إلى بابل حيث مات عام 323 ق.م، وهو فى سن الثالثة والثلاثين، وحُملت جثته إلى مصر ودُفن بالإسكندرية.


عصر البطالمة فى مصر (330 ق.م – 30 ق.م)

لما مات "الإسكندر" قُسمت مملكته الواسعة بين قواده، وكانت مصر من نصيب القائد "بطليموس الأول" الذى استقل بحكمها، وأسس لأبنائه وأحفاده دولة جديدة هى دولة البطالمة، التى استمرت مدة ثلاثة قرون، واتخذت الإسكندرية عاصمة لها. بطليموس الذي كان احد ابرع قادة جيش الاسكندر قام بإدارة مصر وسك الهملة التي تحمل صورته ليعلن نفسه ملكا على مصر بعد وفاة الاسكندر الاكبر. يُعرف خلفاء "الإسكندر الأكبر" الذين توارثوا حكم القسم الأفريقى من إمبراطوريته باسم "البطالمة" نسبة إلى "بطليموس" أحد قواد جيش "الإسكندر". وقد نعمت مصر بالأمن والخير فى ظل حكم البطالمة الأوائل، حتى عصر "بطليموس الرابع"، كما ازدهرت الحضارة الهلينستية بها، وصارت مدينة الإسكندرية أعظم مدن العالم القديم.

بعد وفاة البطالمة الأوائل، ضعفت دولة البطالمة بسبب ضعف ملوكها وتعدد ثورات المصريين ضدهم. هذا الامر دفع روما الى المزيد من التتدخل لتقوية نفوذها فى شئون مصر الداخلية، وانتهى ذلك بسقوط دولة البطالمة، وصارت مصر ولاية رومانية (تابعة للدولة الرومانية تماما ومباشرة) عام 31 ق.م.

فى عهد البطالمة الأوائل كانت علاقة مصر مع روما قائمة على الود والتكافئ والتبادل التجارى، ثم بدأت روما تتدخل فى شئون مصر الداخلية فى عهد البطالمة الأواخر، عندما شعرت بضعفهم، حتى اعترف البطالمة بسيادة روما على مصر منذ عام 168 ق.م. وترينا قصة كليوبترا مدى نفوذ روما في مصر. 

ابوها بطليموس الثانى عشر كان يرغب فى ان يتبعه على العرش من بعده ابنه بطليموس الثالث عشر اكبر ابنائه و كيلوبترا السابعة كبرى بناته .
مات الملك فى ربيع 51 ق.م و ترك العرش لابناته و كتب وصية قبل موته الى روما لتفذ تلك الوصية , بدا حاكمان غريبان حكم مصر فى 51 ق.م و , كان بطليموس الثالث عشر فى العاشرة من عمره , و اخته كليوترا فى الثامنة عشرة من عمرها , و تبعا لعادات الأسرة المالكة البطلمية تزوجا الاخوان ( بطليموس الثالث عشر و كليوبترا السابعة ) !
وفى خلال ثلاث سنوات طردت كليوبترا من مصر ووقفت بجيشها على الحدود المصرية السورية , مستعدة ان تزود عن خقوقها ضد اخيها .
و فى تلك الأثناء اجتاح يوليوس قيصر ايطاليا , و اخذ بومبى جمع قواته لهجوم معاكس فى مقدونيا , و فى العام التالى انتصر يوليوس قيصر على بومبى فى معركة فارسالوس , فهرب الاخير مع مجموعة صغيرة من السفن الى مصر .
ووضعت خطة حقودة من قبل البلاط البطلمى لقتل بومبى , و قام اخلاس ( احد رجال البلاط البطلمى ) باصطحاب اثنين من اتباعه و بعض المجرمين و انزلا بومبى من مركبه الى قارب صغير , و قد صدم بومبى حقا للهدوء الذى كان على مرافقيه و حاول ان يبدا معهم حديثا وديا , لكن الرجل خاطبه فقط بايمائة صامتة , و عندما وصل القارب الصغير الى الشاطئ نهض بومبى ليهبط على الارض عاجله الرجال الثلاثة بطعنة حتى مات , و جزت راسه و اخذوها و تركوا الجسد على الشاطئ.
و بعد ذلك بعدة ايام فى 2 اكتوبر 48 ق.م وصل يوليوس قيصر الى الاسكندرية و دخل المدينة و جال فى احيائها التى بها القصر الملكى , و تذمر سكان الاسكندرية من هذه الزيارة .
اصدر قيصر امرا بان يحل الزوجان الملكان نزاعاتهما , مبعدين قواتهما و يخضعان لتحكيمه , ووجهة نظره انه ممثل للشعب الرومانى الذى وثق بطليموس 12 فى تنفيذ وصيته , اتجه بطليمس 13 من معسكره الى الاسكندرية , فى حين منعت كليوبترا من توصيل رغباتها الى قيصر الا عن طريق وسطاء , لكنها كانت مصممة على الدفاع عن قضيتها , و تسعى للحصول على موافقة قيصر , و تدخل فى اللعبة كل امكانياتها السياسية و مهرارتها


دخلت كليوبترا بطريقة خفية على قيصر ,الذى ما ان رآها حتى اعجب بها و استدعى اخاها بطليموس , لكن لما دخل بطليموس القصر ووجد اخته و زوجته كليوبترا مع قيصر عز عليه وجودها و خرج مهرولا صائحا فى شوارع الاسكندرية , مما اثار مشاعر السكندريين فحاصروا القصر و خرج لهم قيصر قائلا لهم انه ينفذ وصية ابيهما , و بعد ايام اجتمع بشعب الاسكندرية و قرأ عليهم الوصية التى تنص على ان يتولى حكم مصركليوبترا السابعة مع اخيها الاكبر و ان ترعى روما تنفيذ الوصية , و لكن ما لبث ان وقعت الحرب التى تعرف بحرب الاسكندرية , و حارب فيها قيصر و احضر الى الاسكندرية امدادات عسكرية كثيرة , مما يعكس مدى المقاومة العنيفة التى واجهته فى مصر و على الرغم ان الحرب انتهت لصالحه , فانه لم يشأ ان يعلن ضم مصر الى الامبراطورية الرومانية بل نفذ الوصية فجعل بطليموس 14 ( لان اخاه بطليموس 13 قتل فى الحرب ) و معه كليوبترا على عرش مصر .
قتل قيصر فى 44 ق.م , ووقعت الفرقة بين انصار قيصر و جرت الحرب بينهما حيث انتصر اوكتافيانوس على انطونيوس فى معركة موتينا ثم اصبح اوكتافيانوس قنصلا عام 43 ق.م و اتجه الى الاتفاق مع بقية زعماء انصار قيصر انطونيوس و ليبدوس و تقسمت الامبراطورية بينهم , و بعد ان انتصر حزب قيصر بزعامة انطونيوس و اكتافيانوس فى معركة فيليبى عام 42 ق.م اسند الى انطونيوس تنظيم الولايات الشرقية .
وصل انطونيوس الى افسوس , ومن هناك استدعى حكام الشرق الذين ساعدوا اعدائه فاتوا فيما عدا كليوبترا , فارسل اليها يحثها الى لقائه فى كيلكيا , و ذهبت كليوبترا فى موكب ملكى فخم تفوح منه روائح الشرق و سحره الى طرسوس مستخدمة كل ما لديها من وسائل معروفة و غير معروفة لتحقق السيطرة على انطونيوس , و توطدت علاقتها به , و عادت الى الاسكندرية فلم يستطع البعد عنها تاركا احد اعوانه فى كيلكيا . وفى الاسكندرية لعب و عبث و هوى حتى عام 40 ق.م
اجبرت الظروف انطونيوس الى الابعاد عن الاسكندرية ليتخلص من زوجته فولفيا و يتصالح مع اكتافيانوس , و عندما وصل الى الانطاكية حتى استدعى كليوبترا و تزوجها فى خريف 37 ق.م و اعترف بولاية التوءمين منها الاسكندر هليوبوليس (الشمس ) و كليوبترا سيلينى (القمر) و منحهما ممتلكات جدهما بطليموس فيلادلفوس و هى خالكيس و سوريا الوسطى و كيلكيا و تراقيا و قبرص و جزء من شواطئ فلسطين و فينقيا هدية زواجه منها !!!!
وبذلك استعادت كليوبترا معظم ممتلكاتهافى الخارج , و عندما انجبت منه مرة ثانية اسمت طفلها بطليموس فيلادلفوس تيمنا بان ممتلكات جده بطليموس فيلادلفوس عادت . (فيلادلفوس = المحب لاخيه فى اليونانية ).
و قد حدث خلاف بين اوكتافيانوس و انطونيوس بسبب ما اعطاه من اراضى لابناء كليوبترا مما ادى لقيام الحرب بينهم انتهت بهزيمة انطونيوس فى معركة الاكتيوم البحرية و انتحاره فى اول اغسطس 30 ق.م (و كان سبب انتحاره نتيجة هزيمة و انخفاض معنويته و فشله امام اوكتافيانوس و ليس بسبب حبه لكليوبترا كما يزعم الجهال )
و لم يقبل اوكتافيانوس ان ينتقل العرش من كليوباترا الى احد ابنائها , فاختارت انتنتحر على ان تدخل روما فى موكب النصر , عليها الذل و العار مسلسلة , و فضلت ان تقتل نقسها قتلة مقدسة بحية الكوبرا و كان ذلك فى اغسطس سنة 30 ق.م .




انتحارها
فى فجر أحد أيام منتصف أغسطس 8 / 30 ق. م قدم أحد خدام الملكة كيلوباترا ثعبان الكوبرا وسيلة أنتحارها بعد أن سمعت بهزيمة صديقها القائد الرومانى مارك أنطونيوس فى الحرب , وكان ثعبان الكوبرا السامة قد ظلت شعار للملكية فى العصر البطلمى تعلو هامات الملوك , أو كانت زوجاً من الثعابين إذا جاز لنا أن نصدق قول الشعراء الرومان فرجيل وهوراس وبروبيرتيوس Propertius وقد ذكر بعض المؤرخين أن الكتف الملكية اليسرى هى التى تلقت اللدغة الأولى القاتبة وقال آخرون أنه الثدى الأيسر العارى
انتحرت كليوباترا في حالة اليأس هذه بان وضعت حيه سامه على صدرها وكان الغازى الجديد أوكتافيوس قيصر يأمل أن تسير الملكة التى تحكم مصر فى موكب نصرته فى روما ولكنه سرعان ما وارى جثمانها وأتجه لتنظيم الحكومة , فأعلن ضمه مصر لسلطان الشعب الرومانى , وجاء أعلانه فى جملة قصيرة للغاية لا تضم أكثر من خمس كلمات وأختيرت هى
وقد لقب أكتافيوس بالمبجل Augustus حتى نهاية حكمة وتخليدا لضمه مصر إلى الأمبراطورية الرومانية أطلق أسمه على الشهر الذى ضم فيه مصر عقب الحرب الأهلية ضد أنطونيوس
وبعد وفاتها قتل الرومان قيصرون خشية ان يطالب بالامبراطورية الرومانية كوريث ليوليوس قيصر وولي عهده. وهكذا اصبحت مصر ولاية رومانية


حضارة مصر فى عهد البطالمة

أولاً: نظم الحكم والإدارة
كانت حكومة البطالمة فى مصر حكومة مطلقة، ادعت لنفسها من السلطان بمثل ما ادعى به الملوك الفراعنة من قبل، واصبح الحكام البطالمة فراعنة وآلهة. اعتمد البطالمة على العنصر الإغريقى فى الحكم والحروب، ومنحوه المناصب المهمة فى البلاد، وتركوا للمصريين الإنتاج الزراعى والصناعى، والمناصب الدينية. وجعل البطالمة اللغة اليونانية لغة رسمية تستخدم فى دواوين الحكومة ومصالحها. لم يتقرب البطالمة إلى المصريين بصورة عملية إلا بعد أن قلت هجرة العنصر اليونانى إلى مصر، فجند البطالمة المصريين فى الجيش، وحقق هؤلاء نصراً كبيراً فى موقعة "رفح" عام 217 ق.م على أعداء البطالمة، بعد ذلك عادت الثقة فى نفوس المصريين، مما ساهم فى اتساع ثوراتهم ضد البطالمة بعد ذلك. قسم البطالمة مصر إلى 42 إقليماً، وكل إقليم إلى مجموعة من المراكز، وكل مركز إلى مجموعة من القرى تسمى كوم.

ثانياً: الحياة الدينية


اضاف البطالمة صفة التقديس أو الألوهية على حكمهم مقتبسين هذه العادة من تقاليد وثقافة مصر. وعلى الرغم من انهم تبنوا مجموعة من الالهة المصرية القديمة الا انهم جلبوا ايضا بعض آلهتهم، فظهرت عبادة الإله "سيرابيس"، والتى كان مركزها "منف" و"الإسكندرية"، وتجري عبادته على اساس مزيج من طقوس الديانة المصرية القديمة والديانة الإغريقية. كما اهتم البطالمة بتشييد المعابد الفخمة على نمط المعابد المصرية ، ومن أهمها معبد إدفو لعبادة الاله حورس.


معبد "حورس" بـ"إدفو".

واتبع البطالمة سياسة تجاه الديانة المصرية القديمة تنطوى على الاحترام الكامل، وقدموا القرابين للمعبودات المصرية بهدف التقرب إلى المصريين. كما انتشرت فى بلاد الإغريق عبادة الربة المصرية "إيزيس" والتي اعتبروها ربة الحياة والخصب والصحة. وفي الصورة ادناه نرى ايزيس " المصرية" ضمن الثالوث المقدس، ونرى الى جانبها الصورة الاغريقية لها منحوتة في الرخام

Horus, Osiris and Isis 



ثالثاً: الحياة الاقتصادية

ا – الزراعة: اهتم البطالمة اهتماماً كبيراً بالنواحى الاقتصادية، وعملوا على تنمية موارد الدولة، فزادوا من مساحة الأرض الزراعية، واهتموا بزراعة أشجار الزيتون، والتين، والتفاح، والكمثرى، واللوز، والرمان، وادخلوا الساقية، وشقوا الترع وأقاموا الجسور. كما اهتم البطالمة بإدخال أنواع جديدة من الحيوانات، مثل الجمال والخنازير، كما اهتموا بتربية النحل بشكل كبير وتصدير عسله إلى البلاد المجاورة.

ب – الصناعة: نشطت الصناعة فى عهد البطالمة، وخاصة صناعة المنسوجات التيلية والصوفية، وصناعة الأوانى الفخارية والزجاجية والمعدنية، وصناعة ورق البردى.

ج – التجارة: نشطت التجارة الخارجية، وتبادل البطالمة المتاجر مع أواسط إفريقية، وبلاد البحر المتوسط، ومع جزيرة العرب وبلاد الهند والصين. كانت الإسكندرية من أعظم مدن العالم فى تجارة ذلك العصر. واستخدم البطالمة ثلاثة أنواع من العملة: ذهبية، وفضية، ومعدنية، وكانت العملة تصك فى الإسكندرية. كما أعاد البطالمة حفر القناة القديمة الموصلة بين النيل وخليج السويس والبحر الأحمر " قناة سيزوستريس"، كما عملوا على إحياء طرق القوافل التجارية بين النيل والبحر الأحمر.
ملحوظة:في اواخر حكم البطالمة دفعت كثرة الضرائب التى فرضها البطالمة على المصريين، بالمزارعين إلى ترك مزارعهم، وأحياناً الثورة على البطالمة، وتدهورت الزراعة والصناعة والتجارة.

رابعاً: الحياة الاجتماعية
كان البطالمة إغريقاً فى عاداتهم ، أى أنهم عاشوا فى مصر محافظين على عاداتهم وتقاليدهم الإغريقية ولم يحاولوا فرض عاداتهم على الاخرين بل اقتبسوا بعض معتقدات المصريين، وشجعوا هجرة الإغريق إلى مصر. بنى البطالمة فى مصر مدناً جديدة لهم، وأقاموا بها المسارح والملاعب والحمامات، وفى هذه المدن الجديدة انتشرت اللغة الإغريقية. لم يتدخل البطالمة فى شئون المصريين أو تقاليدهم أو أسلوب حياتهم، ومن ثم احتفظ المصريون بأغلب ما ورثوه عن آبائهم وأجدادهم، الذي فقدوه فيما بعد الغزوات اللاحقة للشعوب المجاوزرة.

خامساً: الحياة الثقافية

جامعة الإسكندرية (دار البحث العلمى)
ارتبطت شهرة مدينة الإسكندرية الثقافية والعلمية بجامعتها التى أنشئت فى عهد البطالمة، فكانت جامعة الإسكندرية أكبر جامعة عرفها العالم القديم، حيث توافد عليها العلماء والمفكرون من كل أنحاء العالم. فى جامعة الإسكندرية كانت تدرس العلوم والآداب المختلفة فازدهرت علوم الفلك والجغرافيا والنبات والحيوان والتشريح والطب والجراحة والرياضيات. وكانت الحكومة توفر على نفقتها إقامة العلماء والطلاب فى مبانى الجامعة، ولعلماء الإسكندرية الفضل فى التوصل إلى الكثير من الحقائق العلمية والمبادئ الفلكية، مثل دوران الأرض حول الشمس، وتقدير محيط الكرة الرضية.
ومن أشهر علماء جامعة الإسكندرية "إقليدس" عالم الهندسة، و"بطليموس" عالم الجغرافيا، و"مانيتون" المؤرخ المصرى، صاحب المرجع الأول فى تاريخ الأسرات الحاكمة فى مصر الفرعونية.

مكتبة الإسكندرية (دار الكتب)
إلى جانب الجامعة، أنشأ البطالمة بالإسكندرية داراً عظيمة للكتب، جمعت معظم كتب الأمم القديمة، وفرض البطالمة على كل من يتعلم بالإسكندرية أو يزورها من العلماء، أن يهدى إلى دار كتبها نسخة من كل ما يؤلف من كتب، فكانت هذه المكتبة مورداً للعلماء والباحثين والطلاب. أنشأ مكتبة الإسكندرية "بطليموس الأول"، وهى أول مكتبة حكومية عامة عرفها العالم، ضمت أكثر من نصف مليون كتاب. وكانت المؤلفات تكتب على ورق البردى باليد.
وعن مكتبة الإسكندرية القديمة قيل أنها "كانت أعظم مكتبة فى التاريخ القديم، فهى لم تكن مجرد مكتبة، ولكنها كانت مظهراً من مظاهر حضارة بأسرها، كما كانت الأساس الذى ارتكزت عليه أكبر مؤسسة للبحث العلمى فى التاريخ القديم، وهو مجمع علمى بالإسكندرية، وحوله ازدهرت جامعة الإسكندرية القديمة طيلة سبعة قرون من الزمان، حملت خلالها الإسكندرية مشعل العلم فى العالم فى ذلك الوقت…". احترقت هذه المكتبة عدة مرات كان اخرها على يد الفاتحين العرب



منارة الإسكندرية.

شيد البطالمة منارة الإسكندرية، والتى اعتبرت من عجائب الدنيا السبع، وذلك لارتفاعها الهائل حوالى 135 متراً، والتى كان نورها يُرى على بعد خمسين كيلو متراً لإرشاد السفن القادمة إلى الإسكندرية. ظلت هذه المنارة قائمة حتى دمرها زلزال شديد سنة 1307 م. كما ترك البطالمة الكثير من الآثار التى تدل على تقدم الفنون فى عهدهم، مثل معبد دندرة تجاه مدينة قنا، ومعابد فيلة بأسوان التى تم إنقاذها بمساعدة اليونسكو بعد أن هددتها مياه السد العالى.


  • Digg
  • Del.icio.us
  • StumbleUpon
  • Reddit
  • RSS

0 التعليقات:

إرسال تعليق